2024-07-16

تعرّف على حق السطحية وفق القانون المغربي

عرَّفت المادة 116 من مدونة الحقوق العينيّة حق السطحة بأنه حق عيني قوامه ملكية عقارات سواء كانت بنايات، منشآت، أغراس فوق أرض الغير، وبمفهومٍ آخر يُمكن تعريفه بأنه عبارة عن تملك شخص لأبنية وأغراس على أرض مملوكة للغير، وهذا الأمر يعني بأن مالك حق السطحية تقتصر ملكيته على الأبنية والأغراس دون الأرض التي أُقيم عليها البناء والغرس لأنها تكون مملوكة لشخصٍ ما أو أشخاص آخرين، والأمر المُتفق عليه في هذا القانون بأن حق السطحية لا ينشأ إلى على الأرض ولا يقع على غيرها، وبالنسبة لطبيعة حق السطحية صنفه المشرع في المادة 9 من مدونة الحقوق العينية ضمن الحقوق العينية الأصلية.

حقوق مالك السطحية ومالك الأرض

يتمتع مالك حق السطحية بمجموعة من الحقوق، فيمكنه القيام بتحفيظه، وقد ورد هذا الحق في نص الفصل 10 من ظهير التحفيظ العقاري أنه لا يجوز تقديم مطلب التحفيظ إلا ممن يأتي ذكرهم وذكر منهم الأفراد المُحددة وهُم؛ الشخص المُتمتع بحق السطحية، وينتج عن تحفيظه تأسيس رسم عقاري خاص بهذا الحق ومنفصل عن الرسم المُتعلق بتحفيظ تلك الأرض، كما متعته المادة 118 من مدون الحقوق العينيّة بحقوقٍ عدّة ألا وهي تفويت هذا الحق بجميع طُرق التفويت كالهبه أو البيع والقيام برهنه وترتيب له أو عليه حقوق ارتفاق في الحدود التي يجوز لها فيها مُباشرةً هذا الحق، امّا بالنسبة لحقوق مالك هذه الأرض يجوز الإنتفاع بجوف أرضه كحفر المقالع واستثمارها ما دام هذا الأمر لا يتعارض مع مصلحة مالك السطحية، بالإضافة إلى أنه يُمكنه بناء نفق في جوف الأرض والإستفادة أيضًا من الكنز الذي يعثر عليه مدفونًا في تلك الأرض ويستخرجه منها، علاوةً على ذلك يمكن لمالك الأرض تقرير ارتفاقات على أرضه لمصلحة الأراضي المُجاورة، ما دام هذا الأمر لا يتعارض مع مصلحة مالك السطحية، وذلك كأن ينشئ حق ارتفاق بالمرور على أرضه الزراعية، كما يحق لمالك الأرض التصرف في رقبة أرضه بالبيع والهبة وغيرهما، ولكن الجدير بالذكر أن هذا التصرف لا يُعطي المالك الجديد الحق في السطحية.

الأسباب الرئيسيّة لإنشاء حق السطحية

حق السطحية ينشأ إما بالتعاقد أو بالشفعة أو بالتقادم المكسب، فقد ينشأ حق السطحية عن طريق العقد كالبيع والهبة والإيجار، كما أنه إذا قام مالك الأرض بتأجير أرضه لشخصٍ ما وأجاز له بمقتضى العقد إنشاء أبنية أو أغراس في هذه الأرض على أن تكون هذه البنايات والأغراس ملكًا للمؤجر، والجدير بالذكر أن حق السطحية ينشأ عن طريق الشفعة وإذا كان أصحاب حق السطحية مالكين للحق على الشيوع فيما بينهم ويبيع أحدهم حصته في حق السطحية للغير في هذه الحالة يجوز لكل من الشركاء على الشيوع أخذ الحصة المبيعة بالشفعة، وينشأ حق السطحية في هذه الحالة عن طريق التقادم المكسب بالنسبة للعقارات غير المحفظة، وإذا وضع شخصٍ ما يده على بناء أو غرس قائم على أرض غير محفظة وبعد مضي المدة التي يُحددها القانون يصبح في هذه الحالة مالكًا للبناء أو الأغراس دون الأرض، وينقضي حق السطحية وفقًا للمادة 118 من مدونة الحقوق العينيّة إمّا بتنازل مالكه عنه صراحةً وإمّا باتحاده مع ملكية الرقبة في يد شخص واحد وإما بهلاك تلك البنايات أو المنشآت أو الأغراس أيًا كانت.

ضوابط توثيقيّة لتأسيس حق السطحية

الشكلية المتطلبة لتحرير العقود المنصبة على حق السطحية

أوجب المشروع المغربي تحرير التصرفات المتعلقة بإنشاء حق السطحية أو نقله أو تعديله أو إسقاطه والوكالات الخاصّة به في محرر رسمي عدلي أو توثيقي أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من قِبل محامٍ مقبول للترافع أمام محكمة النقض وذلك تحت طائلة جزاء تشريعي لا يُستهان به ألا وهو البُطلان.

التزامات محرر العقد قبل وأثناء تلقي العقد

يجب على مُحرر العقد الإطلاع على أصل التملك الخاص بالشخص الذي يرغب في إنشاء حق السطحية أو أصل تملك صاحب حق السطحية الراغب في نقله للغير، والتأكد من أنه مُطابق للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل، كما أنه يتم التأكد من الهوية الكاملة للأطراف، وحق مريد التفويت في التصرف، وكونه بتمتع بالأهلية القانونية لهذا التصرف أم لا، ومن بعدها يجب على محرر العقد تقديم النصائح لأطراف العقد وأن يُبين لهم ما يعلمه بخصوص العقد المتعلق بحق السطحية وما عليه استحضاره وإعلام المُتعاقدين به ما نصت عليه المادة 116 من مدونة الحقوق العينيّة أن لا يمكن ترتيب حق السطحية على حقوق مشاعة إلا باتفاق جميع الشركاء، كما أنه يتعيّن على محرر العقد التعيين الكامل للمحل المُراد تفويته، فإذا كان المحل عبارة عن أشجار يجب تحديد عددها ونوعها وأن تكون صيغة العقد لا احتمال فيها، أي أن يُصرح في العقد أن البيع يشمل الأشجار دون الأرض التي تبقى مُلكيتها خالصة لصاحبها، كما يتعيّن عليه أيضًا أن يُبيّن لهم حقوقهم التي سبق ذكرها في المطلب الأول وشرحها لكافّة الأطراف شرحًا يفهمونه بيسر، مع تبصير الذي سيؤول إليه حق السطحية بالتزاماته كالإلتزام الذي ورد في المادة 120 من مدونة الحقوق العينيّة والذي بموجبه يمنع على مالك حق السطحية أن يبني أو أن يغرس من جديد ما تلاشى لقدمه أو مات أو اقتلع بسبب حادث فُجائي أو قوة ما لم يكن هُنالك اتفاق مُخالف، مع تنبيهه إلى أن هذا الحق ينقضي بالطرق السابق بيانها في المطلب الأول.

التزامات محرر العقد بعد تحرير العقد

بعد الإنتهاء من تلقي أو تحرير العقد لا بُدَّ من قراءته على أطراف العقد حتى يكونوا على بينة من أمرهم، وتنبيه الشخص الذي سيستفيد من حق السطحية أنه يقع عليه أداء واجب التسجيل داخل أجل ثلاثين يومًا ابتداءًا من تاريخ العقد وفقًا للمادة 128 من المدونة العامّة للضرائب، وهذا الواجب الذي حددته المادة 133 من نفس المدونة في 5% من قيمة الحق العيني.
وفي حال كان العقار مُحفظًا لا بُدَّ لمحرر العقد إشعار المُستفيد من حق السطحية بمقتضيات المادتين 66 و 67 من ظهير التحفيظ العقاري ومضمونها أن حق صاحب السطحية يُعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده، والإبتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المُحافظ على الأملاك العقارية، وأن عقده هذا لا ينتج أي أثر ولو بينه وبين من تعاقد معه إلا من تاريخ التقييد بالرسم العقاري، وأن أجل التقييد هو ثلاثة أشهر ابتداءًا من تاريخ تحرير العقد طبقًا للفصل 65 مكرر من ظهير التحفيظ العقاري.