2024-08-01

الأراضي الأميرية في القانون السوري

تُعد قضية الأراضي الأميرية من القضايا التي تُثير تساؤلات العديد من الأفراد، ويُمكن تعريف مصطلح الأراضي الأميرية بأنه مُصطلح يُستخدم لوصف الأراضي التي تملكها الدولة والتي تقع تحت تصرف الأمراء والولاة الذين يحق لهم توزيعها على الرعيّة للتصرف بها وفقًا لما تقتضيه مصلحة المُسلمين، تكرّس هذا المُصطلخ في عهد الدولة العثمانية وبات يعني في اللغة التركية "الحكومي" وظلت جميع أراضي السلطنة العثمانية أميرية أي أنها مملوكة للدولة قبل أن يتم توزيعها بعد عام 1856 على السُكّان دون أن يُعطيهم حق المُلكية عليها.

امّا القانون السوري فقد عرّف الأراضي الأميريّة بموجب المرسوم التشريغي رقم 84 لعام 1949 في المادة 86 بأنه العقارات التي تكون رقبتها للدولة ويجوز أن يجري عليها حق التصرف، وحق التصرف هو حق عيني عقاري يخوّل صاحبه سلطة استعمال واستغلال الأرض والتصرف بها، ويكون للمتصرف له الحق في نوعين من التصرفات؛ مادية وقانونية، التصرف المادي هو استعمال الأرض واستغلالها، امّا التصرف القانوني يتمثل في إجراء كافّة التصرفات القانونيّة التي تصح في هذا النوع من الأراضي كالتنازل عن حق الإستثمار للغير أو التأجير أو الإعارة، كما أن حق التصرف يُعد حق مؤقت يمكن أن يسقط بعد الإستعمال، بينما حق الملكية يُعتبر حق تام ودائم.

استرداد الأراضي الأميرية

أُعيد فتح موضوع الأراضي الأميريّة مؤخرًا خاصةً مع ظهور المزادات العلنية لإستثمار أراضي المُهجّرين قسرًا من أرياف حماة وإدلب، إذ أن الدولة السورية تُمهّد لإعادة الإستيلاء على تلك الأراضي الأميريّة من خلال سلسلة من الخطوات التي قد تستغل ثغرات قانونيّة، إذ منح القانون المدني للمُتصرف الحق في استغلالها واستعمالها وزراعتها كما يشاء، في حين أن المادة 775 نصّت على أنه يسقط حق التصرف في العقارات الأميرية بعدم حراثة الأرض أو بعدم استعمالها لمدة 5 سنوات، ويعني ذلك أن يتم إستردادها لتعود من أملاك الدولة.

امّا المادة 379 من القانون المدني تنص على أنه: لا يسري التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات في حق من لا تتوافر فيه الأهلية أو في حق الغائب، أو في حق المحكوم عليه بعقوبة جنائيّة إذا لم يكن له نائب يمثله قانونًا وبهذا الأمر فإن القانون المدني لا يسمح بتطبيق مهلة سقوط حق التصرف بحق الغائب، وقد يُصعّب هذا التفصيل القانوني من مهمّة النظام في انتزاع الأراضي الأميرية من الفلاحين الذين تم تهجيرهم قسرًا وعليه أن يثبت أن غيابهم حادث بغير حق.

تحويل الأراضي الأميرية إلى ملك

يُشترط في الأراضي الأميرية أن تقع خارج المُخططات التنظيميّة، وعندما تدخل داخل التنظيم تزول عنها الصفة الأميرية وتتحول إلى عقارات ملك، كما أتاحت المادة 15 من قانون السجل العقاري الصادر بالقرار رقم 188 لعام 1926 لعام 1926 لصاحب الحق في التصرف أن يلجأ إلى القضاء لإجراء التصحيح في قيود السجل العقاري لتصبح مُطابقة لواقع العقار الذي يملكه، في حين أن الإجتهادات القضائيّة لمحكمة النقض السورية اعتبرت أن دخول العقار ضمن حدود الأماكن الإدارية المبنية من شأنه أن يجعل العقار حكمًا من نوع الملك وأدت أن الموضوع ليس متعلقًا فقط بالسجل العقاري وإنما بدخول العقار ضمن حدود المدينة، ومع ذلك لا يستطيع أمين السجل العقاري أن يقوم بتغيير نوع العقار المُسجل من أميري إلى ملك، بل يتطلب ذلك من مُستثمر الأراضي الأميرية إقامة الدعوى أمام محكمة البداية المدنية يتطلب فيها تغيير النوع الشرعي للعقار من أميري إلى ملك ويتوب عليه إحضار بيان من مجلس المدينة أو البلدية التي يقع فيها العقار.

الحيازة وحق التصرف

أكد القانون المدني في مادته 919 بأنه يُكتسب حق تسجيل التصرف بالأراضي الأميرية غير الخاضعة لإدارة أملاك الدولة بمرور عشر سنوات من تاريخ الحيازة بسند أو بغير سند شريطة أن يكون الحائز قائمًا بزراعة الأرض.

وتكون الحيازة في تسلّط شخص على شيء بشكل فعلي، كأن يكون له حق انتفاع على عقار والحيازة مؤقتة يُكتفى فيها بوجود مُبرر أو سبب مشروع لوضع اليد على العقار، وبالتالي لا يستطيع الحائز على الأراضي الأميرية قبل اكتساب تسجيل حق التصرف أن يقوم ببيع الأرض لأنه يملك حق الإنتفاع أو الإستغلال بينما تكون رقبة العقار للدولة، وحق الإنتفاع هو حق عيني باستعمال شيء يخص الغير، ويمنح حق الإنتفاع صاحبه سلطة مُباشرة على الشيء يستطيع بموجبه استعماله دون إذن المالك.